تاريخ : 10/8/2016 12:00:00 AM
معرف المحتوى: 746
الشريف المرتضى وتطوّر نظرية الصرفة

الشريف المرتضى وتطوّر نظرية الصرفة

تحدّى الله عزّ وجل من شكّوا في دلالة آيات القرآن الكريم على صدق رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏وآله في ما جاء به من النبوّة، داعياً إياهم ـ إن كانوا يزعمون ان هذا القرآن من قول بشرٍ ـ أن يأتوا بمثله أو حتّى أن يأتوا بسورة مماثلة لإحدى سوره. ومن بعد هذه التحدّي كان من الطبيعي أن يحاول أفراد ممن لا يؤمنون بصدق رسول الله صلّى الله‏ عليه‏ وآله، الإستجابة ومحالة الإتيان بشيء مماثل للقرآن، ولكن مرّت السنون وجاءت وذهبت أجيال ولم يستطع أحد الإستجابة لهذا التحدّي والإتيان بشيء مثل القرآن أو مثل سورة صغيرة من سوره. وبهذا فقد اتضح عجز من يدّعون مواجهة القرآن، وطُرح هذا السؤال: لماذا عجز بنو البشر ولا زالوا عاجزين عن الإستجابة لتحدّي القرآن؟

السؤال عن سبب عجز بني البشر عن الإتيان ولو بسورة واحدة مماثلة لسور القرآن، جاء على اثره جوابان: الجواب الأول يذهب الى القول إن القرآن عمل خارق للعادة ويفوق قدرة الإنسان، ويرى أن الإنسان بالأسباب العادية غير قادر مجاراة القرآن والإتيان بمثله. واما الجواب الثاني فيذهب الى اتجاه معاكس للجواب الأوّل، ويرى أن الإنسان قادر على منازلة القرآن، ولكن الله تبارك وتعالى يحول دون تحقيق هذا التحدي، ولا يَدَع لإنسان‏ قدرة الإتيان بما يماثل القرآن. في الكلام الإسلامي، يُعبّر عن الجواب الأخير بعبارة «نظرية الصرفة». إن هذه النظرية مع ما كان لها من تاريخ حافل بالإهتمام ويعلق في الأذهان، ولكن من المؤسف انها بقيت تذكر على انها أحد أوجه إعجاز القرآن فحسب، ولم يُلاحظ حصول أي تطوير لها. وعلى خلاف أصل المسألة، غدا الإهتمام بها يخبو ويتضاءل ونادراً ما تكون موضع بحث. ولهذا السبب حرصنا في بحثنا هذا على تقصّي النصوص الكلامية والتفسيرية التي كُتبت في القرن الثاني الى القرن الخامس، للتعرف على كيفية ظهور هذه النظرية على يد النظّام المعتزلي وطريقة تطورها وازدهارها بجهود الشريف المرتضى علم الهدى۱ وبداية افولها بسبب معارضة الشيخ الطوسي لها، ودراسة دور الشريف المرتضى في تطويرها. النتيجة التي انتهى اليها هذا البحث هي الكشف عن جهود الشريف المرتضى لطرح رؤية علمية لنظرية الصرفة، والرد على مؤاخذات المخالفين وايجاد ترابط منطقي بين نظرية الصرفة، كمسألة تفسيرية، ومسألة الصرفة، كنظرية كلامية.

الألفاظ المفتاحية: الصرفة، اعجاز القرآن، النظّام، الجاحظ، الشريف المرتضى.


*. استاذ مشارك في جامعة القرآن والحديث.

۱. الذخيرة في علم الكلام، ص ۳۷۸، فصل في جهة دلالة القرآن على النبوّة.