أهمية فكرة الغيبة عند الشريف المرتضى في العصر الحاضر
إن ما يُعرف باسم عقائد الإمامية قد انبثق شكل أساسي في التراث الكلامي لمتكلّمي القرنين الرابع والخامس للهجرة، مثل الشيخ المفيد والشريف المرتضى. ويبدو أن أمثال الخواجة نصير الدين الطوسي قد طرحوا في القرون اللاحقة رؤىً مختلفة حول بعض الامور. الجدل الأساسي في هذه المؤلفات يدور حول موضوع الإمامة وما يرتبط بها (مثل العصمة، والعلم الخاص، وفضل الإمام)، ولمسألة الغيبة اهميتها المتميّزة في هذا المضمار.
الموضوع الذي يتناوله هذا البحث هو قضية الغيبة في مؤلفات الشريف المرتضى حيث يبيّن انه لم يمكن بصدد الاعراض عن نقل الأحاديث الواردة في هذا المجال، والتركيز على اثبات معتقدات الشيعة عن طريق الاحتجاجات العقلية، وانما وجد أن هذه المعتقدات شائعة ومتواترة لديهم وتستند إلى النقل ولا تحتاج إلى اثبات، وغالباً ما كانت غاياته وأساليبه اعتماد طرائق كلامية واسكاتية. وكان النموذج الذي طرحه في هذا المجال قد وضع العناصر الأساسية من الفكر الإمامي في مراتب سامية من الاستدلالات النظرية بحيث لا تبلغها ايدي المخالفين، وفي الوقت ذاته يكون لها موقعها في مجال النقل عند الشيعة. وقد حاول من خلال الطرح الكلامي للمسائل أن يبني سوراً حصيناً حول معتقدات الإمامية يصونها من هجمات المخالفين ويكون موضع ثقة المؤلف. إذاً فهو بهذا المعنى ليس صاحب اتجاه عقلي لا لأنّه لا يرى امكانية الاستناد إلى النقل وإلى المعرفة المستمدّة منه في اثبات المعتقدات، وانه قد اتجه إلى الاستدلالات العقلية من خلال الاستناد إلى عنصر اليقين، وانما كان يرى في طرح العقائد بالاسلوب النقلي بالنسبة إلى الشيعة تكلّفاً ومثاراً للشبهات ولا يخلو من متاعب، ومن جانب آخر كان يرى المخالفين عاجزين عن الرد على الاستدلالات العقلية أو اثارة مؤاخذات عليها. لذلك كان يرى فاعلية الاسلوب الجدلي بعيداً عن النقل. وعند التعمّق في >نموذج نظرية الغيبة< للشريف المرتضى، ينكشف لنا مدى تطوّر مبادئ، ومقوّمات، واركان، وموانع، ومقتضيات فكرة الغيبة في العصر الحالي قياساً إلى ما كانت عليه في عصره. ولهذا فقد تقصّى هذا البحث مدى جدوائية هذا النموذج في الوقت الحاضر، واقترح مقتضيات النموذج المناسب في العصر الحديث.
الألفاظ المفتاحية: الشريف المرتضى، الإمامية، نموذج الغيبة، المتکلّمون، الشبهة.
*. استاذة مساعدة في كليّة الهدى للإلهيات والمعارف الإسلامية (كليّة أهلية غير ربحية).